آخر الأخبار

بقلم / أ. إبراهيم عيسي .. إسرائيل تقتل مصرياً علي الحدود وتصيب آخر وسط صمت حكومي معتاد!

رغم الفارق الهائل في الطول فإن أحمد نظيف وأحمد عز وجهان لعملة واحدة، أحمد عز يتكلم بفخامة وبثقة عن الحزب الوطني باعتباره حزباً شعبياً جماهيرياً كبيراً وأعضاؤه يهيمون فيه حباً ويؤمنون بمبادئ الحزب وأهدافه وبرامجه، ويهلل عز لنتائج الحزب في انتخابات الشوري مثلاً ويتحدث عن اكتساح الحزب للانتخابات، يتحدث عز بهذا الكلام كأنه بجد وكأنه مؤمن به وصادق فيه بينما لو القارئ صدق هذا اللغو فلابد أن يعرض نفسه علي طبيب أمراض نفسية فوراً، فالحالة متأخرة جدًا ويا تلحق يا متلحقش، لكن عز يا حبة عيني ينتقل كالفراشة ويتنقل كالنحلة بطائرته الخاصة بين محافظات مصر، حيث يعيث ويهيص حباً في حزبه وينكر الرجل ويتجاهل ويتغافل أن كل نجاح حزبه في الانتخابات جاء بالتزوير الفاضح المخجل، لكنه لا يفضح أحلام عز ولا يجبر أوهامه علي الخجل، هو مستمر تماماً في هذا العجب العجاب، هل يصدق أحمد عز أن مرشحه الحزبي نجح في انتخابات بمائتي ألف صوت؟

سأحترمه وأحبه كثيراً لو كان يعرف أن هذا كله كذب وتزوير، وسأتعاطف معه وأشفق فعلاً عليه لو كان يصدق هذه الأصوات الهرائية! الحال نفسها عند أحمد نظيف فالرجل يتخيل ويتخايل أنه حقق نموا اقتصاديا لمصر وأن حكومته - طبعاً طبقاً لتوجيهات السيد الرئيس - حققت إنجازات هائلة طائلة، يقول الرجل كلاماً كهذا يتصف بخفة الدم رغم أن نظيف شخصياً هو أبعد سياسي مصري عن هذه الصفة لكنه يردد أرقامًا ويطلق تصريحات تؤكد هذه الحالة الفصامية عن الحقيقة وعن الواقع التي نعيشها في مصر!

مطلوب أن تصدق أن أحمد نظيف جعل حياة المواطن أفضل وأريح ونموه يرتفع ودخله يزيد وقدرته الشرائية تقوي، هذا غير نظافة الشوارع وهدوء المواصلات ونقاوة الجو وصفاء المياه!

أحمد نظيف موظف مثالي طبقاً لقياسات أجهزة الأمن وتقاليد الدولة فهو مطيع ومخلص وينفذ بهمة وليس لديه أي اهتمام فكري وملفه الأمني يقول إنه متعاون وملتزم وغير معروف الكلام في السياسة ولا يبدي اهتماما بالشأن العام ولا يملك أي صلات أو صداقات بأي أسماء محسوبة علي المعارضة، كما لا يبدي أي مظاهر تدين أو علاقة خاصة بالدين تثير الاهتمام، لهذا ترقي الرجل وواصل صعوده رغم بعض النتوءات لكن مشواره خلا من أي موقف في مواجهة أي مدير أو رئيس له، صعد الرجل للوزارة وحتي لما وصل لمنصب رئيس الوزراء لم يظهر أي انشغال بالسياسة فهو يقول كلاما ويصرح تصريحات تؤكد أنه كائن تنفيذي لا يعرف معني السياسة ولا يشتغلها ولا يجيدها ولا يبدو أنه سيعرفها في يوم من الأيام وهو مدين تماماً لغربته الكاملة عن السياسة!

أحمد عز وجمال مبارك توءم سيامي في العمل السياسي، لم يفكر أيهما في ترشيح نفسه لأمانة الفصل أو عضوية اتحاد الطلبة في مدرسة، ولكنهما قررا فجأة العمل بالسياسة حين صار العمل لعبًا، من فوق ومن العلالي ومن تزجية وقت الفراغ ومن الشغل الآمن في حضن السلطة وبرعاية النسب والحسب وبالهبوط المظلي علي الساحة، حيث قرر أحمد عز أن يعرف السياسة بقراءة الكتب باللغة الإنجليزية والقعدة مع ممارسين سياسيين بريطانيين للتعلم، تصور أن السياسة يمكن تعلمها بالإنجليزية لتطبيقها باللغة العربية، فكل ما يفعله أحمد عز مدبلج أو مترجم، تنظيم مايخرش الميه علي الورق، وخطط واستراتيجيات واستطلاعات رأي وحملات دعائية وخيمات إدارة العمليات الانتخابية مزودة بأجهزة الكمبيوتر والتليفونات والمعلومات المحمولة برا وجوا، لكن بعيدا عن الترجمة فالواقع أنهم يزورون الانتخابات ويفشلون فشلاً مريعاً في التواصل مع الناس، يضغط جمال مع أحمد عز علي كل الزراير التي يعتقدان أنها المفاتيح الصحيحة والمجربة في بلادها لكن النتائج تأتي خاطئة وفاشلة!

أحمد نظيف يستند إلي رضا الرئيس عليه وتمسكه به وأحمد عز يستند إلي صداقته وشراكته السياسية مع نجل الرئيس، ثم إن الرئيس مبارك يعرف أن نظيف يؤمن به تماما ولا يري سواه وإلاه، ورغم أن رجال الحزب اضطروه أن يتراجع عن جملته المدهشة «لا بديل للرئيس مبارك» فإن الرئيس متأكد من حب نظيف ومن صدق وحقيقة مشاعره، خصوصا أن الرئيس أنقذه من الإزاحة عن مقعده بدل المرة مرتين وتمسك به رغم أن نجل الرئيس وجماعته كانوا ولا يزالون غاضبين علي نظيف ويرونه يتصرف أحياناً بمفرده وفاكر نفسه رئيس وزراء، السياسة في عصر مبارك تحتاج إلي موظفين ومخبرين ومليونيرات، يمكن تسكين نظيف في خانة أو اثنتين هنا، لهذا يجد مكانه ثم مكانته ويستمر لأنه بالفطرة وبالجينات يعرف السر، أن يقدس الموظف رئيسه كأنه يراه فإذا لم يكن يراه فإنه يراك، أما جمال مبارك فإنه يدرك تماماً ولاء عز ومحبته وإخلاصه وحديدية إيمانه بمؤهلات نجل الرئيس وعقيدته الراسخة بأن جمال مفجر ثورة التحديث والتطوير!

جمال يعرف أن عز قرينه وتوءمه في الاقتصاد والعلوم المالية والسياسية والإعلام الحزبي، ورغم أن البعض يلوح لأحمد عز أن جمال سيضطر إلي التضحية بأي من رفقائه لحظة الجد لتعميد صعوده أو تعبيد طريقه فإن عز يوقن أنه لن يكون هذه الضحية أبداً فالثقة بين الصديقين صادقة!

السؤال: من الأقوي؟

المؤكد أن أحمد نظيف يعمل مليون حساب لأحمد عز

أما عز فيري أن حكومة نظيف هي حكومة الحزب... حزبه!