آخر الأخبار

بقلم / د. أيمن نور .. تداول السلطة بصندوق الانتخابات وليس تابوت الوفيات

علي مدي التاريخ كافح الشعب المصري من أجل حقه المشروع في الحرية.

.. لم يفصل يوما بين النضال ضد الاحتلال والنضال من أجل الدستور.

.. لم يفصل الشعب المصري بين مناهضة السيطرة المعتدية من الخارج والسيطرة المستبدة والفاسدة من الداخل.

.. تلازم دائم كان ومازال بين «الاستقلال والدستور»، ذلك الشعار النضالي التاريخي الذي قدمت مصر دائما من أجله الدماء والشهداء.

.. الاستقلال.. والدستور مطلبان متلازمان وغايتان نبيلتان، كلاهما مازال صالحا ليكون محط آمال وطموحات الأمة عام 2010.

.. نعم.. نريد استقلالا ثانيا نتحرر فيه من الخوف، نتحرر من الفقر، من الفساد والاستبداد من أسر الشخص والفرد إلي فضاء الوطن الواسع.. استقلالا ثانيا يرد للناس ثقتها في نفسها وفي قدرتها علي أن تكون مثل كل شعوب الدنيا حرة في الاختيار، متخلصة من قيد الوصاية.

.. السيادة لها وليس لحكامها.. الأمل في إرادتها وقدرتها وليس في قدرة احتمالها علي مَنْ فُرضوا عليها فرضا.

.. الاستقلال الثاني هو يوم أن تشرق شمس مصر وقد تبددت غيوم القهر وفتحت أبواب السجون وكسرت قيود الحرية، ليصبح كل مواطن في مصر يملك ما يملكه جمال مبارك من حقوق وامتيازات.. يوم أن يتساوي جمال مع غيره في الواجبات والالتزامات.. يوم أن يقف الجميع في كفة ميزان واحدة اسمها إرادة الشعب!!

.. الاستقلال الثاني هو يوم أن تصبح وطنا غير استثنائي.. وطنا عاديا يتداول السلطة عبر صندوق الانتخابات وليس عبر تابوت الوفيات.

.. وطنا عاديا حكامه يأتون ويرحلون كما تأتي الفصول و كما ترحل.

.. وطنا عاديا لا يحكمه شخص.. ولا تحتكره أسرة ولا يستأثر بإدارته جهاز مباحث أمن الدولة.

.. وطنا عاديا، أحزابه تخرج من رحمه، لا من جراب حزبه الحاكم، ونوابه يخرجون باختيار الناس يمثلون الجماهير ولا يمثلون بهم!!

.. وطنا عاديا العدل فيه لا يشوبه ظلم، والقضاء والنيابة غايتهما تحقيق العدل ولا دور لهما في إقصاء الخصوم .. والتنكيل بالمعارضين!!

.. وطنا عاديا يموت فيه الناس بالقضاء والقدر وليس من الفقر والقهر.

.. قرأت منذ أيام خبراً في صحيفة الأهرام عن مواطن مصري قتله القهر.. هذا المواطن طلب علاجاً لنجله إلا أن إدارة المستشفي قهرته وهددته بإبلاغ البوليس ضده.

.. جلس الرجل أمام الصيدلية وعند وصول البوليس وجدوه جثة هامدة!!

.. رحل الرجل من القهر!!

.. ليس هذا وطناً عادياً ولا استثنائيًا!!

.. الرجل الذي مات قهراً عثروا في أشيائه علي خطاب باسم جمال مبارك كان يطلب منه حقاً متساوياً في علاج نجله لا في توريثه وطناً!!

.. الاستقلال الثاني هو ذلك اليوم الذي تتساوي فيه حقوق الفقيد مع حقوق جمال مبارك!!